Press Enter

دور التوعية المالية في تحقيق النمو الاجتماعي والاقتصادي المستدام على الصعيدين المحلي والدولي

06 يوليو 2022

  • Image
No Image

شهد مفهوم الإدارة المالية الشخصية تحولاً ملحوظاً في المملكة العربية السعودية، وخصوصاً لدى فئة جيل الشباب، الذي أبدى أفراده رغبة كبيرة في الادخار والاستثمار وإدارة شؤونهم المالية بشكل أفضل، لا سيما مع وجود أدوات مالية متنوعة تتيح لهم إمكانية الوصول إلى مجموعة واسعة من منتجات الادخار والاستثمار. ويشكل تعزيز ثقافة التخطيط المالي وتجويده أحد أهداف برنامج تطوير القطاع المالي، الذي ينضوي تحت مظلة رؤية المملكة الاقتصادية والاجتماعية 2030. وفي حين يؤدي القطاع العام دوراً رئيسياً في تطبيق السياسات والإصلاحات وتدابير الدعم المناسبة التي تسهم في تحقيق أهداف البرنامج، إلا أن نشاط القطاع الخاص هو أحد الروافد الأساسية في عملية التنمية المستدامة. ويأتي ذلك من خلال خلق الفرص النوعية التي تساهم في تفعيل مثل هذه المبادرات وبحث الحلول والوسائل الممكنة لتحقيق أهداف الاستثمار المسؤول وابتكار المنتجات المساندة وتطويرها.  

 

ولطالما كان لشركة سدكو القابضة جهوداً ملموسة في نشر الوعي المالي من خلال برنامج “ريالي” الذي أطلقته الشركة في عام 2012م. وتسعى من خلاله إلى تمكين الشباب من التحكم في وضعهم المالي والقدرة على اتخاذ قرارات مالية سليمة، لتحقيق الازدهار الاجتماعي والاقتصادي على الصعيد المحلي، مع المساهمة بشكل فاعل في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة.

 

يهدف برنامج “ريالي” إلى الارتقاء بمستوى الوعي المالي لدى أفراد المجتمع وتطوير مهاراتهم في هذا المجال، وتزويدهم بالمعرفة والأدوات التي تمكنهم من إدارة شؤونهم المالية واتخاذ القرارات الاستثمارية الصحيحة. وسرعان ما تطوّر برنامج “ريالي”، الذي أطلقته الشركة كمبادرة للمسؤولية الاجتماعية، إلى أفضل برنامج توعية مالية على المستوى الوطني مُعتمد من وزارة التعليم.

 

وقد حظي برنامج “ريالي” بأصداء واسعة انعكست من خلال نتائجه الإيجابية على المشاركين فيه، ويُعزى ذلك إلى جهود فريق البرنامج والدعم غير المحدود من مساهمي سدكو القابضة، بالإضافة إلى الدور الرئيسي لوزارة التعليم بتمكين وصول البرنامج إلى المدارس على مستوى المملكة. وقد استقطب البرنامج إلى يومنا هذا أكثر من 1.8 مليون مستفيد من خلال دورات الوعي المالي المتاحة عبر جميع مناطق المملكة والتي تستهدف جميع الفئات العمرية؛ من المراحل الدراسية الأولى وحتى سن الشباب.

 

وضمن جهودنا الرامية إلى تطوير البرنامج بشكل مستمر وقياس مدى تأثيره على المنتسبين، استطلعنا آراء 25 ألف مشارك في البرنامج بهدف رسم صورة أكثر دقة عن تطور ثقافتهم المالية وتوجهاتهم المتعلقة بالتخطيط المالي والسلوكيات الإيجابية التي اكتسبوها في هذا المجال. وبيّنت النتائج أن معظم المشاركين أصبحوا أكثر ثقة بأنفسهم في إدارة أمورهم المالية الشخصية، وتطورت معرفتهم المالية بشكل كبير بعد انتهاء البرنامج. كما نجح معظم المشاركين في تطبيق ما تعلموه لتحسين وضعهم المالي، حيث صرّح 68% ممن شملهم الاستطلاع إنهم بدأوا رحلة الاستثمار أو التفكير في ذلك، بينما قال 81% منهم أنهم وضعوا ميزانيات شخصية و86% بدأوا في الادخار بعد إتمام البرنامج.

 

وقد بدأنا نلمس زيادة في الثقافة المالية لدى أفراد المجتمع من خلال التغيير الذي طرأ على عاداتهم في الاستثمار والإنفاق. وأظهر أحدث تقارير هيئة السوق المالية نمو الأصول الخاضعة للإدارة في الصناديق المشتركة، وارتفاعاً نشاط المستثمرين الأفراد في تداول السعودية. كما سجل عدد المستثمرات الإناث في السوق السعودية زيادة كبيرة، إذ ارتفع عدد حسابات المحافظ الاستثمارية التي تمتلكها مستثمرات من 1 مليون تقريباً خلال الربع الثالث من عام 2019 إلى 1.5 مليون خلال الربع الثالث من عام 2021. وأظهرت إحصائيات البنك المركزي السعودي لشهر أكتوبر 2021 زيادة الأنشطة الاستثمارية المتعلقة بتطوير قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مع زيادة التمويلات الصغيرة المقدمة للمؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة بوتيرة متصاعدة منذ عام 2018.

 

كما تشير البيانات إلى زيادة النشاط الاستثماري المتعلق بشراء المنازل، حيث ارتفع العدد الإجمالي لعقود رهن العقارات السكنية الجديدة بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية. ويمثل تراجع الاعتماد على القروض الاستهلاكية وبطاقات الائتمان، والذي بدا واضحاً من خلال انخفاض القيمة الإجمالية للقروض الاستهلاكية وبطاقات الائتمان على مدى السنوات الثلاث الماضية؛ مؤشراً اقتصادياً واضحاً على تغيّر طريقة التفكير تجاه الإنفاق وإدارة الديون الشخصية. ونلحظ العديد من العوامل الأخرى المؤثرة على أداء هذه المؤشرات الاقتصادية، مثل الإصلاحات التي اعتُمدت في القطاع وتحديث السياسات، يمكننا أن نستنتج إجمالاً التوجه المتزايد للسعوديين نحو الادخار والاستثمار.

 

يطمح برنامج “ريالي” إلى الاستمرار في توسيع نطاق انتشاره، والتأثير بشكل إيجابي على أفراد المجتمع، والمساعدة في تمكين جيل الشباب في المملكة من اتخاذ القرارات التي تضعهم على المسار الصحيح نحو تحقيق المرونة والكرامة المالية. ونرى أن لكي نحقق الاستفادة القصوى من برنامج ريالي، فإن الوقت قد حان لجعله مؤسسة مستقلة وأن يصبح قناة يمكن من خلالها تحقيق أهدافه المتمثلة في تعزيز وتمكين التخطيط المالي ودعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة العالمية.

مقالات لها صلة

تغذية الانستغرام